فصل: الشاهد الثاني بعد الثلاثمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.بداية أمر بني اقسنقر وولاية عماد الدين زنكي على البصرة.

كان عماد الدين زنكي في جملة البرسقي ولما أقطعه السلطان واسط بعث عليها زنكي فأقام فيها أياما ثم كان مسير البرسقي الى البصرة في أتباع دبيس فلما هرب دبيس عنها بعث البرسقي اليها عماد الدين زنكي فأقام بحمايتها ودفع العرب عنها ثم استدعاه البرسقي عندما سار إلى الموصل فضجر من تلون الأحوال عليه واختار اللحاق بأصبهان فقدم عليه بأصبهان فأكرمه السلطان وأقطعه البصرة وعاد إليها سنة ثمان عشرة والله تعالى أعلم.

.استيلاء البرسقي على حلب.

لما سار دبيس الى الإفرنج حرضه على حلب وأن ينوب فيها عنهم ووجدهم قد ملكوا مدين صور وطمعوا في بلاد المسلمين وساروا مع دبيس فحاصروها حتى جهد أهلها الحصار وبها يومئذ تاس بن ابن أرتق فاستنجد بالبرسقي صاحب الموصل وشرط عليهم أن يمكنوه من القلعة ويسلموها الى نوابه وسار الى إنجادهم فأجفل عنهم الإفرنج ودخل إلى حلب فأصلح أمورها ثم سار الى كفر طاب فملكها من الإفرنج ثم سار إلى قلعة إعزاز من أعمال حلب وصاحبها جوسكين فحاصرها وسارت إليه عساكر الإفرنج فانهزم وعاد إلى حلب فخلف فيها ابنه مسعودا وعبر الفرات إلى الموصل.

.مسير طغرل ودبيس إلى العراق.

ولما ارتحل الإفرنج عن حلب فارقهم دبيس ولحق بالملك طغرل فتلقاه بالكرامة والميرة وأغراه بالعراق وضمن له ملكه فساروا لذلك سنة تسع عشرة وانتهوا الى دقوقا فكتب مجاهد الدين بهرام بن تكريت إلى المسترشد يخبرهم فتجهز للقائهم وأمر برتقش الزكوي أن يتجهز معه خامس صفر وانتهى إلى الخالص وعدل طغرل ودبيس إلى طريق خراسان ثم نزلوا رباط جلولاء ونزل الخليفة بالدسكرة وفي مقدمته الوزير جلال الدين بن صدقة وسار دبيس الى جسر النهروان لحفظ المقابر وقد كان رأيه مع طغرل أن يسير طغرل إلى بغداد فيملكها وتقدم دبيس في انتظاره فقعد به المرض عن لحاقه وغشيتهم أمطار أثقلتهم عن الحركات وجاء دبيس الى النهروان طريحا من التعب والبرد والجوع واعترضوا ثلاثين حملا للخليفة جاءت من بغداد بالملبوس والمأكول فطعموا وأكلوا وناموا في دفء الشمس وإذا بالمسترشد قد طلع عليهم في عساكره بلغه الخبر بأن دبيسا وطغرل خالفوه إلى بغداد فاضطرب عسكره وأجفلوا راجعين إلى بغداد فلقوا في طريقهم دبيسا كما ذكرنا على دبال غرب النهروان وقف الخليفة عليه فقبل دبيس الأرض واستعطف حتى هم الخليفة بالعفو عنه ثم وصل الوزير ابن صدقة فثناه عن رأيه ووقف دبيس مع برتقش الزكوي يحادثه ثم شغل الوزير بمد الجسر للعبور فتسلل دبيس ولحق بطغرل وعاد المسترشد إلى بغداد ولحق طغرل ودبيس بهمدان فعاثوا في أعمالها وصادروا أهلها وخرج إليهم السلطان محمود فانهزموا بين يديه ولحقوا بالسلطان سنجر بخراسان شاكين من المسترشد برتقش الشحنة والله أعلم بغيبه وأحكم.

.مقتل البرسقي وولاية ابنه عز الدين على الموصل.

ثم إن المسترشد تنكر للشحنة برتقش وتهدده فلحق بالسلطان محمود في رجب سنة عشرين فأغراه بالمسترشد وخوفه غائلته وأنه تعود الحروب وركب العيث ويوشك أن يمتنع عنك ويستصعب عليك فاعتزم السلطان على قصد العراق وبعث إليه الخليفة يلاطفه في الرد لغلاء البلاد وخرابها ويؤخره إلى حين صلاحها فصدق عنده حديث الزكوي وسار مجدا فعبر المسترشد بأهله وولده وأولاد الخلفاء إلى الجانب الغربي في ذي القعدة راحلا عن بغداد والناس باكون لفراقه وبلغ ذلك إلى السلطان فشق عليه وأرسل يستعطفه في العود إلى داره فشرط عليه الرجوع عن العراق في القوت كما شرط أولا فغضب السلطان وسار نحو بغداد والخليفة بالجانب الغربي ثم أرسل خادمه عفيفا إلى واسط يمنع عنها نواب السلطان فسار إليه عماد الدين زنكي من البصرة وهزمه وفتك في عسكره قتلا وأسرا وجمع المسترشد السفن إليه وسد أبواب قصره ووكل حاجب الباب ابن الصاحب بدار الخلافة ووصل السلطان إلى بغداد في عشر من ذي الحجة ونزل باب الشماسية وأرسل المسترشد في العود والصلح وهو يمتنع وجرت بين العسكرين مناوشة ودخل جماعة من عسكر السلطان إلى دار الخليفة ونهبوا التاج أول المحرم سنة إحدى وعشرين وخمسمائة فضج العامة لذلك ونادوا بالجهاد وخرج المسترشد من سرادقة ينادي بأعلى صوته وضربت الطبول ونفخت البوقات ونصب الجسر وعبر الناس دفعة وعسكر السلطان مشتغلون بالنهب في دور الخلافة والأمراء وكان في دار الخلافة ألف رجل كامنون في السرداب فخرجوا عند ذلك ونالوا من عسكر السلطان وأسروا جماعة من أمرائه ونهب العامة دور وزير السلطان وأمرائه وحاشيته ومثل منهم خلق وعبر المسترشد إلى الجانب الشرقي في ثلاثين ألف مقاتل من أهل بغداد والسواد ودفع السلطان وعسكره عن بغداد وحفر عليها الخنادق واعتزموا على كبس السلطان فأخافهم أبو الهيجاء الكردي صاحب إربل ركب للقتال فلحق بالسلطان ووصل عماد الدين زنكي من البصرة في جيش عظيم في البر والبحر أذهل الناس برؤيته فحام المسترشد عن اللقاء وتردد الرسل بينهما فأجاب إلى الصلح وعفا السلطان عن أهل بغداد وأقام بها إلى عاشر ربيع الآخر وأهدى إليه المسترشد سلاحا وخيلا وأموالا ورحل إلى همدان وولى زنكي بن اقسنقر شحنة بغداد ثقة بكفايته واستقامت أحواله مع الخليفة وأشار به أصحابه ورأوا أنه يرقع الخرق ويصلح الأمر فولاه على ذلك مضافا إلى ما بيده من البصرة وواسط وسار إلى همدان وقبض في طريقه على وزيره أبي القاسم علي بن الناصر الشادي اتهمه بممالأة المسترشد لكثرة سعيه قي الصلح فقبض عليه واستدعى شرف الدولة أنوشروان بن خالد من بغداد فلحقه بأصبهان في شعبان واستوزره عشرة أشهر ثم عزله ورجع إلى بغداد وبقي أبو القاسم محبوسا إلى أن جاء السلطان سنجر إلى الري فأطلقه وأعاده إلى وزارة السلطان محمود آخر اثنتين وعشرين.